فصل: اللغة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة ص: الآيات 41- 44]:

{وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ (41) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ (42) وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (43) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْناهُ صابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44)}.

.اللغة:

{بِنُصْبٍ} النصب بضم فسكون وبفتح فسكون وبضمتين الداء والبلاء قيل جمع نصب كاسد وأسد وقيل هو لغة في النصب وقد تقدم كلام كثير في هذه المادة.
{ضِغْثًا} حزمة من حشيش وقضبان وفي القاموس: والضغث بالكسر قبضة حشيش مختلطة الرطب باليابس واضطعثه: احتطبه وأضغاث أحلام رؤيا لا يصح تأويلها لاختلاطها وقد تقدم القول فيها والتضغيث ما بلّ الأرض والنبات من المطر وفي المثل ضغث على إباله والإبالة بالتشديد الحزمة من الحشيش والحطب ومعناه بلية على أخرى ويضرب أيضا مثلا للرجل يحمل صاحبه المكروه ثم يزيده منه.

.الإعراب:

{وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ} عطف على اذكر عبدنا داود ولم يذكر ذلك في قصة سليمان لكمال الاتصال بين سليمان وداود كأن قصتهما قصة واحدة. واذكر فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت وعبدنا مفعول اذكر وأيوب بدل أو عطف بيان لعبدنا وإذ الظرف بدل اشتمال من أيوب وجملة نادى في محل جر بإضافة الظرف إليها والفاعل مستتر تقديره هو يعود على داود وربه مفعول به.
{أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ} أن وما في حيزها نصب بنزع الخافض أي بأني مسني الشيطان حكاية لكلامه الذي نادى ربه به بعبارته وإلا لقيل أنه مسه، ومسني الشيطان فعل ماض ومفعول به مقدم وفاعل مؤخر وبنصب متعلقان بمسني وعذاب عطف على نصب وسيأتي سر إسناد المس إلى الشيطان مع عصمة الأنبياء عن مس الشيطان إياهم وتسلطه عليهم في باب الفوائد كما يأتي فيه ما ذكر من سبب بلائه.
{ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ} كلام مقول قول محذوف أي وقيل له، واركض فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت ومعنى اركض اضرب وبرجلك جار ومجرور متعلقان باركض ومفعول اركض محذوف أي الأرض وفي معاجم اللغة: ركض الأرض والثوب ضربهما برجله أي فهو متعد بهذا المعنى، وهذا مبتدأ ومغتسل خبر وهو اسم مكان للماء الذي يغتسل به سمي الماء باسم مكانه مجازا علاقته المحلية وبارد صفة لمغتسل وشراب عطف.
{وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ} عطف على ما تقدم مما اقتضاه المقام كأنه قيل فاغتسل وشرب فكشفنا بذلك ما به من ضر ومسحنا عنه ما ألمّ به من أوصاب. ووهبنا فعل وفاعل وله متعلقان بوهبنا وأهله مفعول به ومثلهم عطف على أهله والظرف متعلق بمحذوف حال أي كائنا معهم ورحمة مفعول من أجله ومنّا صفة لرحمة وذكرى عطف على رحمة أي أن الهبة كانت للرحمة له وللتذاكير لأولي الألباب ولأولي نعت لذكرى والألباب مضاف إليه.
{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ} وخذ عطف على ما تقدم وبيدك متعلقان بخذ وضغثا مفعول به، فاضرب عطف على خذ وبه متعلقان باضرب والمفعول محذوف أي امرأتك ولا تحنث عطف على اضرب ولا ناهية وتحنت فعل مضارع مجزوم بلا وسيأتي القول في ضرب امرأته في باب الفوائد.
{إِنَّا وَجَدْناهُ صابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} إن واسمها وجملة وجدناه فعل وفاعل ومفعول به أول وصابرا مفعول به ثان ونعم العبد فعل وفاعل والمخصوص بالمدح محذوف للعلم به أي هو وإنه أواب إن واسمها وخبرها والجملة تعليل لمدحه.

.الفوائد:

إنما أسند ما مسّه من نصب وعذاب إلى الشيطان مع أنه من البداءة الأولية أن الشيطان لا يسلط على الأنبياء تأدبا مع اللّه لأن الشيطان كان يوسوس اليه ويغريه على الكراهة والجزع، وذكر في سبب بلاء أيوب أن رجلا استغاثه على ظالم فلم يغثه وقيل كانت مواشيه في ناحية ملك كافر فداهنه وقيل أعجب بكثرة ماله، أما قصة ضرب امرأته فقد كان حلف في مرضه ليضربن امرأته مائة إذ برأ وذلك لا بطائها عليه يوما.
وفي القرطبي: وفي سبب حلفه أربعة أقوال:
أحدها: ما حكاه ابن عباس أن إبليس لقيها في صورة طبيب فدعته إلى مداواة أيوب فقال أداويه على أنه إذا برىء يقول أنت شفيتني لا أريد جزاء سواه، قالت نعم فأشارت على أيوب بذلك فحلف ليضربنها وقال: ويحك ذلك الشيطان.
ثانيها: ما حكاه سعيد بن المسيب أنها جاءته بزيادة على ما كانت تأتيه به من الخبز فخاف خيانتها فحلف ليضربنها.
ثالثها: ما حكاه يحيى بن سلام وغيره أن الشيطان أغواها أن تحمل أيوب على أن يذبح سخلة تقربا إليه وأنه يبرأ فذكرت ذلك له فحلف ليضربنها إن عوفي مائة.
رابعها: أنها باعت ذوائبها برغيفين إذ لم تجد شيئا تحمله إلى أيوب وكان أيوب يتعلق بها إذا أراد القيام فلهذا حلف ليضربنها فلما شفاه اللّه أمره أن يأخذ ضغثا فيضربها به فأخذ شماريخ قدر مائة فضربها بها ضربة واحدة.
وقصة صبر أيوب تدخل في حيز أغراض القصص في القرآن، وأسمى أغراضها إنشاء العقيدة الدينية الخاصة المجردة وموطن هذه العقيدة الخالدة هو الضمير والوجدان فلم يكن الداعي إلى الاستمساك بالصبر والاعتصام به مجردا لقداسته الدينية ولكن اتساع الآفاق النفسية وانفتاح منافذ المعرفة أمام النفس.

.[سورة ص: الآيات 45- 48]:

{وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ (45) إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ (47) وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ (48)}.

.الإعراب:

{وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ} الواو عاطفة اذكر فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت أي اذكر يا محمد صبرهم على ما أصابهم وثباتهم على عقائدهم وتأسّ بهم وعبادنا مفعول به وإبراهيم بدل أو عطف بيان واسحق ويعقوب عطف على إبراهيم وأولي الأيد أي أصحاب الأيدي مفعول به سيأتي القول مسهبا في معنى أولي الأيد في باب البلاغة والأبصار عطف على الأيد.
{إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ} الجملة تعليلية لما وصفوا به من علو الرتبة وسموها بالعلم والعمل، وإن واسمها وجملة أخلصناهم خبر أنا وبخالصة متعلقان بأخلصناهم والباء إما للسببية إن كان أخلصناهم بمعنى جعلناهم خالصين وإما للتعدية إن كان أخلصناهم بمعنى خصصناهم وخالصة صفة لموصوف محذوف أي بخصلة خالصة وذكرى الدار يجوز فيها أن تكون خبرا لمبتدأ محذوف أو بدل من خالصة وإذا اعتبرت خالصة مقدرا بمعنى الإخلاص فتكون ذكرى مفعولا به لخالصة وإذا كانت مصدرا بمعنى الخلوص فتكون ذكرى فاعلا لها فقد تمت لها أربعة أوجه وأما إضافة ذكرى إلى الدار فمن إضافة المصدر إلى المفعول أي ذكرهم الدار الآخرة وهناك قراءة متعددة يرجع إليها في المطولات.
{وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ} وانهم أن واسمها وعندنا ظرف متعلق بمحذوف حال ولمن اللام المزحلقة ومن المصطفين خبر إنهم والأخيار صفة.
{وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ} واذكر عطف على ما تقدم واذكر إسماعيل فعل وفاعل مستتر ومفعول به واليسع وذا الكفل معطوفان على إسماعيل وكل مبتدأ ساغ الابتداء به لما فيه من معنى العموم ومن الأخيار خبر.

.البلاغة:

الكناية في قوله {أولي الأيد والأبصار} وهي كناية عن العمل الصالح قال الزمخشري أولي الأعمال والفكر كأن الذين لا يعملون أعمال الآخرة ولا يجاهدون في اللّه ولا يفكرون أفكار ذوي الديانات ولا يستبصرون في حكم الزمنى الذين لا يقدرون على إعمال جوارحهم والمسلوبي العقول الذين لا استبصار بهم وفيه أيضا فن التعريض بأن من لم يكن من عمال اللّه ولا من المستبصرين في دين اللّه خليق بالتوبيخ وأسوأ المذام، والأيدي جمع يد وهي الجارحة فالكناية بها لأن جميع الأعمال تزاول بها وإذا كانت جمعا ليد بمعنى النعمة فهي مجاز مرسل علاقته السببية وقد تقدم بحث ذلك لأن اليد هي سبب النعمة وإنما حذفت الياء في خط المصحف اجتزاء عنها بالكسرة وفسر بعضهم الأيد بمعنى القوة وهي وإن كانت جائزة من حيث اللغة إلا أن المقام يضعف استعمالها بهذا المعنى، قال الزمخشري وتفسيره بالأيد من التأييد قلق غير ممكن.

.[سورة ص: الآيات 49- 60]:

{هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (49) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ (50) مُتَّكِئِينَ فِيها يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ (51) وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ (52) هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ (53) إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ (54) هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (55) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ (56) هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ (58) هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ (59) قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا فَبِئْسَ الْقَرارُ (60)}.

.اللغة:

{قاصِراتُ الطَّرْفِ} حابسات العين على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم.
{أَتْرابٌ} أسنانهن واحدة، سمين بذلك كأن التراب مسهن في وقت واحد ويقول البيضاوي أتراب لأزواجهن لدات لهم أي مساويات لأزواجهم في السن فإن التحاب بين الأقران أثبت ورجح الزمخشري أن يكون التسلوي بينهن دون أزواجهن وفي القاموس: والترب بالكسر اللدة والسن ومن ولد معك وهي تربي وتاربتها: صارت تربها قال عمر بن أبي ربيعة:
أبرزوها مثل المهاة تهادى ** من خمس كواعب أتراب

وقد نظم بعضهم معاني هذه المادة فقال:
وضع تراب فوق صك ترب ** ضرب ترائب كذا والتّرب

مثلك سنا والتراب التّرب ** ترائب الشخص عظام الصدر

ومصدر لترب الشيء التّرب ** وجمع ترب الشخص في العمر التّرب

وجمع تربة بضم التّرب ** أي قطعة من التراب فادر

{وَغَسَّاقٌ} ما يسيل من صديد أهل النار وفي القاموس: وغسق الجرح سال منه ماء أصفر وقيل الحميم يحرق بحرّه والغساق يحرق ببرده.

.الإعراب:

{هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ} كلام مستأنف مسوق للإيذان بانتهاء ما تقدم من قصص والشروع في موضوع آخر. وهذا مبتدأ وذكر خبر وإن الواو استئنافية وإن حرف مشبه بالفعل وللمتقين خبرها المقدم واللام المزحلقة وحسن مآب اسمها المؤخر.
{جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ} جنات عدن بدل أو عطف بيان لحسن مآب ومفتحة حال من جنات عدن والعامل فيها ما في المتقين من معنى الفعل ولهم متعلقان بمفتحة والأبواب نائب فاعل لمفتحة لأنه اسم مفعول وقال الزمخشري في صدد إعراب هذه الآية: ومفتحة حال والعامل فيها ما في للمتقين من معنى الفعل وفي مفتحة ضمير الجنات والأبواب بدل من الضمير تقديره مفتحة هي الأبواب كقولهم ضرب زيد اليد والرجل وهو من بدل الاشتمال وقرئ جنات عدن مفتحة بالرفع على أن جنات عدن مبتدأ ومفتحة خبره أو كلاهما خبر مبتدأ محذوف أي هو جنات عدن هي مفتحة لهم.
{مُتَّكِئِينَ فِيها يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ} متكئين حال من الهاء في لهم والعامل فيها مفتحة وفيها متعلقان بمتكئين وجملة يدعو إما مستأنفة لبيان حالهم فيها ويجوز أن تكون حالية مما ذكر وفيها حال من فاعل يدعون أي حال كونهم فيها وبفاكهة متعلقان بيدعون والاقتصار على الفاكهة يفيد الإيذان بأن مطاعمهم هناك ليست للتغذي وإقامة الجسم ولكن لمحض اللذة والتفكه وكثيرة صفة وشراب عطف على فاكهة.
{وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ} الواو عاطفة والظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم وقاصرات الطرف مبتدأ مؤخر وأتراب صفة لقاصرات.
{هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ} اسم الاشارة مبتدأ وما خبر وجملة توعدون صلة وليوم الحساب متعلقان بتوعدون واللام للتعليل أي لأجل يوم الحساب وأرى أنه يجوز اعراب ما بدلا من اسم الإشارة وليوم الحساب هو الخبر ولعله أولى.
{إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ} إن واسمها واللام المزحلقة ورزقنا خبر إن وما نافية حجازية أو تميمية وله خبر مقدم ومن حرف جر زائد ونفاد اسم مجرور لفظا بمن في محل رفع اسم ما المؤخر أو مبتدأ مؤخر.
{هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ} هذا مبتدأ محذوف الخبر أو خبر لمبتدأ محذوف والكلام مستأنف وقد تقدم نظيره قريبا، قال ابن الأثير:
هذا في هذا المقام من الفصل الذي هو خير من الوصل وهي علاقة وكيدة بين الخروج من الكلام إلى كلام آخر والواو عاطفة وإن حرف مشبه بالفعل وللطاغين خبرها المقدم واللام المزحلقة وشر مآب اسم إن المؤخر.
{جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ} بدل من شر مآب أو عطف بيان له وجملة يصلونها حالية وهو مفعول مضارع والواو فاعل والهاء مفعول به ولك أن تعرب جهنم مفعولا بفعل محذوف دل عليه يصلونها والفاء الفصيحة أي إن أردت أن تعلم حقيقة جهنم فهي بئس المهاد وبئس فعل جامد لإنشاء الذم والمهاد فاعل والمخصوص محذوف تقديره هي.
{هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ} هذا مبتدأ وحميم وغساق خبراه وجملة فليذوقوه معترضة والفاء اعتراضية واللام لام الأمر ويذوقوه فعل مضارع مجزوم بلام الأمر والواو فاعل والهاء مفعول به وقد اضطربت أقوال المعربين في هذه الآية كثيرا وفيما يلي ما قاله أبو البقاء:
هذا هو مبتدأ وفي الخبر وجهان أحدهما فليذوقوه مثل قولك زيد اضربه وقال قوم هذا ضعيف من أجل الفاء وليست في معنى الجواب كالتي في قوله: والسارق والسارقة فاقطعوا، فأما حميم على هخا الوجه فيجوز أن يكون بدلا من هذا وأن يكون خبرا لمبتدأ محذوف أي هو حميم وأن يكون خبرا ثانيا والوجه الثاني أن يكون حميم خبر هذا وفليذوقوه معترض بينهما وقيل هذا في موضع نصب أي فليذوقوه هذا ثم استأنف فقال حميم أي هو حميم وأما غساق فيقرأ بالتشديد مثل كفار وصبار وبالتخفيف اسم للمصدر أي ذو غسق أو يكون فعال بمعنى فاعل.
{وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ} وآخر عطف على حميم وغساق ومن شكله نعت له وأزواج خبر لمبتدأ محذوف أي هي أو صفة للثلاثة.
{هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ} الجملة مقول قول محذوف أي ويقال لهم عند دخولهم النار وهذا مبتدأ وفوج خبر ومقتحم صفة لفوج ومعكم ظرف متعلق بمحذوف صفة ثانية لفوج أو حال من الضمير من مقتحم أو من فوج لأنه وصف ولا نافية ومرحبا منصوب على المصدر وبهم متعلقان بمرحبا وفي الجملة المنفية وجهان أحدهما أنها مستأنفة سيقت للدعاء عليهم بضيق المكان أو حالية أي هذا فوج مقتحم مقولا لهم لا مرحبا بهم وفي القرطبي:
فقالت السادة لا مرحبا بهم أي لا اتسعت منازلهم في النار والرحب السعة ومنه رحبة المجد وغيره وهو بمعنى الدعاء ولذلك نصب وقال أبو عبيدة: العرب تقول لا مرحبا بك أي لا رحبت عليك الأرض ولا اتسعت وجملة إنهم صالو النار تعليل لاستيجابهم الدعاء عليهم وإن واسمها وصالوا النار خبرها.
{قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا فَبِئْسَ الْقَرارُ} قالوا فعل وفاعل والضمير يعود على الاتباع وبل حرف إضراب وأنتم مبتدأ ولا مرحبا مقول قول محذوف هو الخبر أي يقال لكم، وأنتم مبتدأ وجملة قدمتموه خبره وقدمتموه فعل ماض والتاء فاعل والميم علامة جمع الذكور والواو لإشباع ضمة الميم والهاء مفعول به ولنا جار ومجرور متعلقان بقدمتموه، فبئس الفاء عاطفة وبئس فعل ماض جامد لإنشاء الذم والقرار فاعل والمخصوص بالذم محذوف أي النار.